زوجة تنقذ زوجها من براثن العقوق


   حكي ان أعرابيا ابتلي بموت أطفاله صغارا ، وبعد ان كبر سنه وأصبح شيخاً رزق بطفل فأشفق عليه واهتم به ، فكان يخشى عليه النسيم وكان الأعرابي فارسا مغوارا غير انه لجهله وسوء حظه كان عاقا حيث كان له والدة عجوز طاعنة في السن لم يمنعه هرمها وسوء حالها من أن يعقها . وفي أحد الايام ذكر لزوجته قائلا : لقد سئمت من والدتي وأخجلتني عند العرب ولكني قررت ان نرحل غدا ونتركها بمنزلنا لنتخلص منها حيث كنت طيلة السنين الماضية أنتظر وفاتها ونقد صبري فقد فقدت الكثير من حواسها وتعبنا الاعتناء بها والقيام بخدمتها.
    سمعت الزوجة مقالة زوجها وأعجبت لعقليته السخيفة وتصرفه السيء ووافقته على رأيه في الرحيل إلا أنها قررت أن تثنيه عن عزمه بطريق غير مباشرة !! وساعدها على ذلك عقلها وحبها لابنها ، ولما حان وقت الرحيل وركب الشيخ جواده وتقدم الركب يرود لهم الطريق في المرتفعات  والوهاد والقمام ، وكان قد أكد في آخر كلمة له مع زوجته قبل الرحيل أن تترك والدته فتركت العجوز وتركت معها طفلها الوحيد البالغ  أربع سنوات ، ولما نزل الشيخ أول منزل دعا زوجته وأمرها بإحضار الطفل ليداعبه على عادته . فأجابت الزوجة  لقد تركت الطفل مع والدتك ، فإن إبنا مثل إبنك يجب أن لا  يربى ، فكما تركت أمك وحيدة في الصحراء فسيعمل هذا الطفل إذا كبر كما فعلت أنت وسيتركني كما تركت والدتك ، لذلك تخلصت منه قبل أن يتخلص مني . فلما سمع هذه الكلمات أنبه ضميره وركب فرسه وعاد حيث والدته العجوز فوجد حولها ذئبا يحاول أكل الطفل والعجوز قد وضعته في حجرها وهي ترمي الذئب بالحجارة وتذب عنه وتدافع . ولما عزم الذئب على افتراس الطفل إذا بالفارس يقبل عليهما فهرب الذئب ، ولما رأى حبها لولده وعطفها عليه تذكر تربيتها له فأنكب على والدته يقبلها ويطلب منها العفو عما بدر منه ثم مل والدته وطفله على فرسه وأصبح بعد ذلك والدا مثاليا بارا .
               وهكذا كانت تلك الزوجة الصالحة العاملة سعيا في انقاذ زوجها من سوء عاقبة العقوق . وما من شك في أن الزوجة الصالحة من سعادة الدنيا والدين

               المرجع كتاب نزهة النفس الأبية في القصص والحكايات الغريبة ج2 لمؤلفه ابراهيم السليمان الطامي


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تعليقك يهمنا فالمرجو ترك تعليق